لم يَحُل تَعدُّد تأثيرات كوفيد–19 على الحقوق بأنواعها دون قوة تأثيرها على حقٍّ دون آخر؛ فقد لامست هذه الجائحة في مفاعيلها حقوقًا راسخة يصعب –بل ربما يستحيل– أن يُحاد عنها دوليًّا أو تشريعيًّا، قضائيًّا أو حتى فقهيًّا، ويعنينا من هذه الحقوق: تلك المتعلِّقة ببقاء شعوب وبمصير حياة بشرٍ آمنين مطمئنين؛ فهنا قبعت عناصر تلك المعادلة الصعبة الرامية بأهدافها لإحداث توازنٍ بنَّاءٍ يمتثل لدقيق عناصرها وأهدافها.
وقد كان أول أفكارها: وضع إخراج الأجانب من الأقاليم في ميزان كوفيد–19 من المنظورين النظريِّ والعمليِّ، وهو ما اقتضى تناول ثلاثة أمور؛ أولهم: تتبُّع التكييف القانوني لما قامت به الدول مع الأجانب وقت الجائحة، وهو ما تنوَّعت بصدده التوجهات ما بين إبعادٍ وإخراجٍ وطردٍ، صاحبه عرض للحجج المؤيدة، وثانيهم: تفحُّص مواقف التشريعات المقارنة من المسألة؛ كفرنسا ومصر والإمارات، وثالثهم: طرح شواهد تباين مسالك الدول حيال إخراج الأجانب على وقع الجائحة، كلَّلَه عرضٌ لضمانات صحة قرارات الإبعاد التي تصدر على خلفية كوفيد–19.
يلي ذلك بحث الدراسة عن جوابٍ لسؤالٍ دقيق؛ ألا وهو: مدى اعتبار الجائحة في حدِّ ذاتها ظرفًا استثنائيًّا يُجيز للدول إخراج الأجانب؟ وهو ما اقتضى التدقيق في ثلاث مسائل على التوازي؛ ألا وهي: مضمون الظرف الاستثنائي كفكرة مركَّزة من المنظور الصحي تحديدًا، وماهية الأسباب الصحية التي تُخوِّل الدول الحق في إخراج الأجانب، ومدى انطباق ذلك على معطيات الجائحة، ومن ثمَّ ردود الأفعال حيالها آنذاك.
ثم بيان مسوغات الربط بين كوفيد–19 والنظام العام، تتبعًا للطبيعة القانونية لإخراج الأجانب ممَّن يُشكِّل تواجدهم خطورة على النظام العام، ووقوفًا عند مواقف المواثيق الدولية من جواز تقييد الحقوق الإنسانية حماية للنظام العام، واختتامًا ببيان أسباب النقد الموجه للنظام العام كمبرر لإخراج الأجانب، إلى غير ذلك من التساؤلات ذات الصلة التي اعترضت سياق الدراسة، استعانة بمناهج ٍأربعة: المقارن، والتأصيلي، والتحليلي، والتاريخي، كلٌّ حسبما اقتضى السياق.