العدل غاية يصبو إليها جموع البشر للعيش بأمان ، و لهذا فهو ضرورة إجتماعية ، و للحقيقة أن ما يحتاجه البشر ليس العدل المطلق ولکنه الشعور بالعدل و لذلک فإن الحاجة إلى العدل بالنسبة للإنسان – کأى حاجة إنسانية – يجب أن يتم إشباعها وقت الحاجة إليه دون بطء أو تأخير و ذلک لتفادى الآثار السلبية التى ستنتج عن ذلک . و قد اهتمت کافة المجتمعات والأنظمة عبر العصور بالعدل بين الناس وشعورهم به وذلک بالإهتمام بالتقاضى وآلياته باعتبار أن التقاضى هو وسيلة الوصول إلى العدل و شعور الناس به ، إذ أنهم قد حرموا اقتضاء الشخص لحقه بنفسه ، لما يؤدى إليه ذلک من إشاعة الاضطراب والفوضى داخل المجتمع ، و يستلزم منها – فى المقابل – کفالتها لحق التقاضى ، وتيسيره للمواطنين کافة ، بإزالة عوائقه ، وتيسير النفاذ الميسر إلى کافة محاکمها ، حتى يتمکن کل ذى حق من الحصول على الترضية القضائية التى يستلزمها رد العدوان عن حقوقه دون بطء . ولهذا فإن وصول الحق لمستحقيه عبر التقاضى إنما يرتبط بحاجتهم له فى الوقت الذى يحقق إشباعهم کحاجة إنسانية و من ثم فإن تأخر إشباعها – وإن کان سيتم – لا يحقق الترضية المناسبة التى يبتغيها من ولوج طريق التقاضى ، فإذا کان الوصول إلى الترضية القضائية المناسبة ضرورة إجتماعية فإن سرعة إنجازها ضرورة إجتماعية أيضاً – وفق ما نعتقد – ذلک أن تلک الضرورة لا تتمثل فى سرعة وصول الترضية القضائية المناسبة لمستحقيها فحسب و لکنها تشکل عاملاً رادعاً هاماً لکل من يحاول التعدى على حقوق غيره إذ أنه قبل أن يشرع فى ذلک التعدى يعلم بأنه فى خلال مدة زمنية قصيرة سوف يستعيد ذلک الغير حقه المسلوب و من ثم فلا تتحقق الإستفادة المرجوة من ذلک التعدى و من هنا تتعاظم المسألة محل البحث .